فلسطين

من معاداة السامية إلى الاعتراف بالدولة: إسبانيا وفلسطين

منذ 7 أكتوبر وإسبانيا في مقدمة الدول الأوروبية الداعمة للفلسطينيين، وتوجت ذلك بإعلانها الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لكن ماذا عن تاريخها مع القضية؟

future رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يحظى بالتصفيق في مجلس النواب في مدريد بعد إعلانه أن إسبانيا ستعترف بدولة فلسطينية مستقلة.

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، كانت إسبانيا في مقدمة الدول الأوروبية الداعمة للفلسطينيين، والمطالبة بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وتُوجت هذه المواقف في 28 مايو الماضي بإعلان مدريد الاعتراف رسمياً بدولة فلسطينية مستقلة.

ويعد هذا الموقف جزءاً لا يتجزأ من النهج الإسباني تجاه القضية الفلسطينية على مدار مراحلها التاريخية، وإن ارتبط هذا النهج وتباين وفقاً للمعطيات السياسية والظروف الدولية التي سادت في كل فترة، منذ إعلان قيام دولة إسرائيل حتى الآن، وهو ما يتناوله التقرير التالي.

اليهود والحرب الأهلية الإسبانية

الحديث عن موقف إسبانيا من القضية الفلسطينية وقيام دولة لليهود في فلسطين لا يمكن فصله عن الحرب الأهلية الإسبانية (1936- 1939)، التي تركت ظلاً ثقيلاً طغى على موقف يهود العالم تجاه الجنرال فرانسيسكو فرانكو الذي تولى الحكم بعد انتهاء الحرب، وكذلك على موقفه تجاههم.

وتشرح أماني صلاح الدين سليمان، في دراستها «العلاقات الإسبانية - الإسرائيلية وأثرها على القضية الفلسطينية (1948-2011)»، أنه أثناء الحرب هرع الآلاف من اليهود اليساريين المؤمنين بوحدة الفكر والنضال الاشتراكي والجمهوري من كل أنحاء أوروبا وخارجها لمساندة الجمهوريين الإسبان- ومعظمهم ينتمون إلى اليسار-  ضد فرانكو والتيار المحافظ القومي، مما جعل الصحافة الإسبانية الموالية للجنرال تطلق نظرية المؤامرة «اليهودية- الكتالونية» على إسبانيا، وظلت الصحف الإسبانية لعقود وحتى مطلع السبعينيات تكتب عن التحالف الشرير بين «الانفصاليين الكتالونيين» و«الخونة اليهود» لتدمير وحدة إسبانيا وقيمها وكنيستها.

أما اليهود فرأوا في فرانكو فظاعات الفاشية الأوروبية في الثلاثينيات، وأصبح يمثل لهم الضلع الثالث في مسلسل الفاشية مع هتلر وموسوليني ليس إلا.

وظلت الصحافة الإسرائيلية والصحف الغربية التي يديرها أو يمتلكها يهود تُذكّر العالم بأن فرانكو ولو كان عدواً للشيوعية، فهو أيضاً حاكم انتهازي تحالف في وقت دقيق تحالفاً لا أخلاقياً مع الثنائي الفاشي هتلر وموسوليني، بل وتسبب مثلهم في إشعال الحرب العالمية الثانية ثم تخلى عنهما حين أدرك أن العالم الحر سينتصر في المعركة، وأن فرانكو أعلن حياده في الحرب خوفاً من بطش الحلفاء وليس إيماناً منه بعدالة حربهم ضد دول المحور.

موقف فرانكو من إعلان دولة إسرائيل

عند إعلان خطة تقسيم فلسطين التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة في نوفمبر 1947، لم تكن إسبانيا آنذاك عضواً بالمنظمة الدولية الوليدة، إذ إن القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وإنجلترا وفرنسا رأت أن فرانكو حاكم فاشي لا تستحق إسبانيا تحت إدارته الانضمام إلى المنظمة الأممية الجديدة التي ولدت من رحم الحرب العالمية الثانية، خصوصاً أنه اتُّهم بمساعدة هتلر وموسوليني وقادة دول المحور خلال الحرب بشكل سري، وسهل لهم شراء أسلحة ومعدات حربية ومؤن غذائية رغم إعلانه حياد إسبانيا، بحسب سليمان.

وما إن أقرت الأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين حتى هرعت الميليشيات اليهودية المسلحة في الأرض المحتلة لإعلان دولة اسرائيل، وهرعت الدول الكبرى شرقاً وغرباً للاعتراف بها وقبول الواقع الجديد. أما إسبانيا فاتخذت موقفاً مخالفاً رغم العزلة الدولية المفروضة عليها؛ إذ رفض فرانكو الاعتراف بدولة اسرائيل.

وتذكر الباحثة، أن معاداة فرانكو لإسرائيل منذ تأسيسها لم تكن لأسباب معاداة السامية أو كراهية اليهود، وإنما لشعوره بأن اسرائيل دولة اشتراكية الاقتصاد تقودها «المستوطنات التعاونية»، ويقوم على تأسيسها وإدارتها شباب يرتبطون بعلاقات وثيقة مع الشيوعيين، بخاصة السوفييت، وهو المنحى نفسه الذي اتبعه الاشتراكيون والشيوعيون والأناركيون في الجمهورية الإسبانية الثانية خلال مطلع الثلاثينيات. ورغم أن بريطانيا هي المحرك الأساسي وراء تمكين اليهود من أرض فلسطين، فإن الاتحاد السوفيتي كان أول الدول التي اعترفت بإسرائيل عقب ساعات من إعلانها.

اليهود وتأخير عضوية إسبانيا في الأمم المتحدة

إزاء هذه المواقف العدائية من فرانكو تجاه اليهود ودولتهم في فلسطين، لعبت الوكالة اليهودية مع دول أخرى دوراً حاسماً في تأخير انضمام إسبانيا إلى عضوية الأمم المتحدة، وقادت حملة دعائية ودبلوماسية داخل أروقة المنظمة الوليدة لرفض انضمام إسبانيا إليها، مما أدى إلى ظهور ما يسمى «المشكلة الإسبانية»، التي امتدت لـ10 أعوام متصلة هي عمر التوتر الكبير الذي نشب بفعل الرفض المتكرر لعضوية إسبانيا بالأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945.

وحدثت أشهر هذه المواجهات الدبلوماسية خلال جلسة عاصفة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 مايو 1946، إذ تقدمت عدد من الدول اللاتينية بقيادة البرازيل ومشاركة البيرو وكولومبيا وبوليفيا بمشروع قرار للاعتراف بالحكومة الإسبانية وضم إسبانيا إلى المنظمة، إلا أن أبا إيبان ممثل الوكالة اليهودية في فريق عمل ملف فلسطين في الأمم المتحدة  ألقى خطاباً طويلاً أشار فيه الى تحالف ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية مع فرانكو، حتى تمكن من هزيمة خصومه في الحرب الأهلية، واستمر هذا التحالف أثناء الحرب العالمية الثانية، التي ارتكبت خلالها ألمانيا فظائع ومجازر ضد اليهود.

وحذر إيبان من انضمام إسبانيا بقيادة فرانكو إلى الأمم المتحدة، إذ إن ذلك يعني قبول الصلح مع نظام يمثل كل فظاعات الحرب العالمية الثانية. وبحسب سليمان، انتهت الجلسة برفض مشروع القرار واستمرار حرمان إسبانيا من عضوية المنظمة.

محاولات إسرائيلية فاشلة للتقارب

ورغم ذلك، حاولت إسرائيل في 1947 فتح قناة اتصال مع إسبانيا عن طريق ممثلي البلدين في تركيا، واقترحت إسرائيل الاعتراف المتبادل بين الحكومتين، وتبادل البعثات الدبلوماسية، مع ضمان حقوق الحُجاج الكاثوليك الإسبان في الأراضي المقدسة، وهو ما سيترتب عليه تطبيع العلاقات بين البلدين، وبالتالي تغيير موقف إسرائيل المعارض لعضوية إسبانيا في الأمم المتحدة والضغوط الدولية التي تحشدها ضد نظام فرانكو، فإن الجانب الإسباني رفض العرض بأكمله وصمم على مواصلة الحشد الدولي العكسي لصالحه دون الخضوع للشروط الإسرائيلية.

وعندما استطاعت إسرائيل تحقيق انتصارها العسكري في يونيو 1967 ارتفعت أصوات في إسبانيا تدعم ضرورة تغيير الموقف الرسمي الداعم للمطالب العربية في ما يخص الصراع مع إسرائيل، التي نجحت بدورها في إقناع العالم الغربي بأنها كانت في حالة دفاع عن النفس، وأن العرب، وبخاصة مصر، هم من اضطروها للدفاع عن مصالحها عسكرياً، لكن هذه الأصوات لم تسفر عن جديد على مستوى العلاقات الرسمية بين إسبانيا وإسرائيل.

وعلى منبر الأمم المتحدة، ألقى ممثل إسبانيا كلمة حادة عام 1968، طالب فيها إسرائيل باحترام حقوق اللاجئين الفلسطينيين وحقهم المشروع في العودة لأراضيهم، واعتبر ذلك مسئولية سياسية وأخلاقية تقع على عاتق إسرائيل وعلى عاتق المجتمع الدولي بأكمله.

تحولات بعد وفاة فرانكو

توفي الجنرال فرانكو عام 1975، وأصبح الملك خوان كارلوس هو الحاكم الجديد، كما أصبحت إسبانيا ملكية دستورية ديمقراطية. وبحسب «سليمان»، سارع الدبلوماسيون الإسرائيليون إلى زيارة إسبانيا والإلحاح على ضرورة التقارب بين مدريد وتل أبيب في العهد الجديد، إلا أن هذه المساعي فشلت بسبب زيارات الوفود العربية التي حذرت من مغبة الاعتراف بإسرائيل أو التقارب معها، مؤكدين أن ذلك قد يعني اضطرار الدول العربية إلى تقليص شراكتها الاقتصادية والتجارية مع إسبانيا.

وفي منتصف عام 1979، قام رئيس الوزراء الإسباني ميجيل سواريث بدعوة قائد منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى زيارة رسمية لمدريد، وهي الزيارة التاريخية الأولى من نوعها التي يتم فيها دعوة عرفات واستقباله بصورة رسمية في عاصمة أوروبية.

غير أن ذلك لم يمنع حدوث تقارب إسباني- إسرائيلي عام 1982، تمثل في افتتاح مكتب شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية «العال» في مدريد، وتسيير أول خط جوي مباشر بين تل أبيب ومدريد لخدمة سفر الركاب وكذلك التبادل التجاري بين البلدين.

وفي منتصف الثمانينيات حدث تطور لافت، إذ أعلنت بعض الحركات الفلسطينية المسلحة مسئوليتها عن عدة تفجيرات انتحارية في عدد من المدن الإسبانية، مما دفع الصحافة الإسبانية لانتقاد هذه الممارسات على الأراضي الأوروبية سواء تجاه أهداف أوروبية أو إسرائيلية. وتذكر الباحثة، أن منظمة التحرير الفلسطينية قامت وقتها بعملية محدودة في سبتمبر 1985 لاغتيال بحارين إسرائيليين بميناء برشلونة، مما تسبب في غضب كبير بالأوساط السياسية والشعبية في إسبانيا.

اعتراف إسبانيا بإسرائيل

ويعد 1986 عاماً حاسماً في ما يتعلق بعلاقة إسبانيا بكل من إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على حد سواء، إذ التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها إسحاق شامير وفداً إسبانياً رسمياً في مدينة لاهاي الهولندية في مطلع هذا العام، واتفق الطرفان على الاعتراف المتبادل وتبادل السفراء، إلا أن الوفد الإسباني قدم للإسرائيليين وثيقة رسمية بما سموه قائمة الحقوق الفلسطينية، أكدوا فيها ضرورة التزام إسرائيل المواثيق الدولية الخاصة بالفلسطينيين وعلى رأسها موضوع اللاجئين.

وبالفعل، اعترفت إسبانيا رسمياً بدولة إسرائيل في يناير عام 1986 واستقبلت مدريد خلال أسابيع قليلة أول سفير إسرائيلي هو صامويل حداس، وأرسلت إسبانيا كذلك سفيرها الأول إلى تل أبيب بيدرو لوبيز أجيربينوا.

ولإثبات أن عملية التطبيع لن يكون لها أي آثار جانبية على موقف مدريد من القضية الفلسطينية، رفعت إسبانيا في أغسطس من العام نفسه درجة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية لديها ومقره إلى درجة دبلوماسية عليا تقارب درجة سفير أو رئيس بعثة دبلوماسية طرفها، مؤكدة نهج مدريد الدائم في الحفاظ على روابط الصداقة والتضامن مع الشعب الفلسطيني وتعزيز الصلة مع ممثليه من منظمة التحرير الفلسطينية.

إسبانيا ودور الوسيط في الصراع العربي الإسرائيلي

يذكر إغناسيو ألفاريرز أوسوريو، في بحثه «إسبانيا والقضية الفلسطينية»، والمنشور في الجزء الثاني من كتاب «قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني»، أن الاعتراف بإسرائيل أتاح لإسبانيا أن تؤدي دور الوسيط في الصراع العربي الإسرائيلي، واقتراح سلسلة من المبادرات المهمة داخل الاتحاد الأوروبي.

واستغلت إسبانيا رئاستها الاتحاد الأوروبي في يناير 1989 للترويج لإعلان مدريد، الذي دعا إلى «الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حق تقرير المصير، بكل ما ينطوي عليه ذلك»، كما دعا إلى تنظيم «مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة التي تعد محفلاً مثالياً للمفاوضات المباشرة بين الأطراف المختلفة المعنية (بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية)، بهدف التوصل إلى حل شامل وعادل ودائم».

وتعارض هذا الإعلان تماماً مع سياسات الأمر الواقع التي تطبقها إسرائيل، ومع محاولاتها تغيير الوضع في الأراضي المحتلة من طرف واحد عن طريق بناء المستوطنات، بحسب أوسوريو.

ولم يتأخر انعقاد المؤتمر الدولي، ففي الفترة بين 30 أكتوبر و4 نوفمبر 1991، استضافت مدريد مؤتمر الشرق الأوسط للسلام تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

ومع وصول الحزب الشعبي إلى الحكم في إسبانيا عام 1996 بقيادة رئيس الوزراء خوسيه ماريا أثنار، لم تراجع مدريد سياستها الخارجية تجاه المنطقة، واستمر دعم القضية الفلسطينية كأحد الأعمدة الرئيسة لهذه السياسة في الشرق الأوسط، وتجلى ذلك في أكثر من ملمح، منها أنه بين عامي 1994 و2001 كانت إسبانيا سادس أكبر مانح للسلطة الفلسطينية.

غير أن انهيار عملية أوسلو وهجمات 11 سبتمبر على وجه الخصوص تسببا في تحول حكومة أثنار، مما أدى إلى اقتراب إسبانيا من وجهة النظر الإسرائيلية وابتعادها عن موقفها السابق المؤيد لفلسطين، ومن ثم حظيت القضية الفلسطينية باهتمام أقل، ولم تعد العنصر الرئيس لسياسة إسبانيا الخارجية في الشرق الأوسط.

مبادرات جديدة دون تأييد دولي

بعد فوز حزب العمال الاشتراكي الإسباني في انتخابات عام 2004 تبنى رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو سياسة خارجية ملتزمة. وفي أثناء هذه الفترة حدثت عملية «أمطار الصيف» في غزة 2006، وكانت بمثابة نقطة تحول في العلاقات الإسبانية- الإسرائيلية، إذ أعرب ثاباتيرو عن «إدانة شديدة للاستخدام المفرط للقوة»، وحذر من أن «صمتنا اليوم عن موضوع الشرق الأوسط ربما يجعلنا نندم غداً».

وأمام هذا الوضع الجديد، كما يذكر أوسوريو، اختارت إسبانيا العودة إلى النهج القديم الذي أتى بنتائج جيدة في الماضي، وركزت حكومة ثاباتيرو طاقتها على إقامة عملية سلام جديدة. وقال وزير الخارجية الإسباني أنخيل موراتينوس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر 2006: «نعم لإقامة دولة فلسطينية سلمية وقابلة للحياة، نعم لدعم الرئيس محمود عباس، نعم لوقف العنف والإرهاب ضد إسرائيل، نعم لإعادة تفعيل عملية مدريد التي بدأت منذ عشرين عاماً، نعم لإعادة إحياء المحادثات بين سوريا وإسرائيل، علينا أن نقول نعم لوقف هذه المأساة، والطريقة الوحيدة لحلها هي الفعل السياسي والدبلوماسي وليس العسكري».

لكن المبادرة لم تلق تأييداً دولياً يذكر، مما ترتب عليه فقدان السياسة الخارجية الإسبانية لنفوذها وعدم قدرتها على الدعوة إلى مبادرات خارج عباءة واشنطن.

وبعد بدء عملية «الرصاص المصبوب» في غزة في 27 يناير 2008، استقبل ثاباتيرو الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي استُجوب بشراسة على المستوى الداخلي عن إدارته للأزمة، وفي نفس الوقت أدانت إسبانيا «رد الفعل المفرط» لإسرائيل. وكما حدث في مناسبات سابقة كانت هناك محاولات لتعويض الجمود الدبلوماسي للموقف عن طريق مساعدة اقتصادية جديدة لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي، وفي هذه المناسبة بلغ حجم المساعدة  خمسة ملايين يورو لمنظمة غوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».

وفي 2 مارس 2009، عُقد مؤتمر دولي في مصر بمدينة شرم الشيخ تحت عنوان «المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني وإعادة إعمار غزة»، إذ أعلن موراتينوس أن إسبانيا ستقدم مساهمة جديدة لسكان قطاع غزة بقيمة 180 مليون يورو لعامي 2009 و2010، على أن يخصص نصف المبلغ لإعادة بناء غزة ويخصص الباقي لمرتبات مسئولي السلطة الفلسطينية.

تداعيات الأزمة اقتصادية والربيع العربي

ورغم تأييد إسبانيا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، فإن الدعم المقدم لتطوير الأراضي المحتلة شهد تراجعاً حاداً بنسبة 85% بعد فوز الحزب الشعبي في الانتخابات وتقلده السلطة في الفترة (2011 - 2013)، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية، وفي تلك الفترة أيضاً لم تعد عملية السلام من أولويات الدبلوماسية الإسبانية نتيجة التغييرات الناجمة عن ثورات الربيع العربي وظهور أزمات إقليمية جديدة، كالحرب الأهلية في سوريا والثورة التي شهدتها مصر آنذاك.

وأدى ذلك إلى فقدان إسبانيا نفوذها في الساحة الدولية، ولم تعد القضية الفلسطينية مسألة أساسية تستند إليها سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، ومن ثم ابتعدت الدبلوماسية الإسبانية عن الأضواء وأصبحت تدعم استئناف محادثات السلام تحت رعاية إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكن من دون تبني أي مبادرات كبرى.

وبحسب أوسوريو، كان أهم تحد واجهته إسبانيا خلال تلك الفترة هو طلب السلطة الفلسطينية دخول الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012، وبعد مناقشات مكثفة دعمت مدريد ترشيح فلسطين عضواً مراقباً في الجمعية العامة، لاعتبارات مهمة منها حصول إسبانيا على الدعم العربي لترشحها لمجلس الأمن، فضلاً عن حماية الاستثمارات الإسبانية في العالم العربي، خصوصاً في قطاعات الغاز والنفط والاتصالات وخط السكك الحديدية عالية السرعة بين مكة والمدينة.

# إسبانيا # فلسطين # طوفان الأقصى # حرب غزة

هاشم صفي الدين: القائد المنتظر الذي يخشى حزب الله غيابه
فيلم «المخدوعون»: فلسطين في مواجهة الرجال والشمس
جولات بلينكن في المنطقة ولعبة سياسة الهندسة

فلسطين